تأثير التيك توك على القيم المجتمعية والسباق نحو الربح صوت منية النصر
تأثير التيك توك على القيم المجتمعية والسباق نحو الربح
بقلم ابراهيم ابوالغيط
تأثير التيك توك على القيم المجتمعية والسباق نحو الربح
منذ بدايته في أغسطس 2016، بدأ تيك توك كأي تطبيق تواصل اجتماعي عادي، وشيئًا فشيئًا اجتاح الساحة العربية، وخصوصًا خلال فترة الحجر الصحي، حيث أصبح وسيلة لتفجير مواهب الشباب المدفونة واستعراض قدراتهم بطرق مبتكرة. ولكن، لم يتوقف الأمر هنا، بل ظهرت لاحقًا موجة "الربح من تيك توك" التي غيرت قواعد اللعبة كلياً.
الربح من تيك توك: جاذبية المال السريع
كسب المال من تيك توك بات حلمًا للكثيرين، حيث يحتاج المستخدم فقط إلى عدد معين من المتابعين والمشاهدات لتحقيق الأرباح. هنا، بدأت التريندات المثيرة تتصدر الواجهة، من فيديوهات الرقص والموسيقى إلى تحديات اللبسينج الساخرة. في ظل هذه الظاهرة، قام العديد من المستخدمين بإظهار جانب مختلف من حياتهم الشخصية بهدف جلب المزيد من المتابعين، مما أدى إلى تعرية الخصوصية وتجاوز حدود الاحترام.
التحول إلى المحتوى المتدني
مع ازدياد الطلب على التفاعل، بدأت بعض الفتيات بتقديم محتوى جريء عبر تيك توك، كاستعراض حياتهن اليومية بأزياء غير لائقة لجذب أكبر قدر من المتابعين. هذا الاتجاه أدى إلى انزلاق العديد نحو خلق محتوى مستفز، حيث أصبح الربح السريع والمشاهدات هدفًا رئيسيًا حتى ولو كان الثمن تدمير القيم المجتمعية.
سياسة التيك توك وأثرها على المجتمع
للأسف، نجحت سياسة التيك توك في إبراز الفشل والمحتوى السطحي كأداة لجذب الانتباه. فتصدَّر أصحاب المقاطع الاستفزازية المشهد ليصبحوا قدوة مزيفة للشباب الباحثين عن الشهرة السريعة. ومن هنا، بدأت القيم الأخلاقية في التراجع، حيث بات التفاعل عبر "اللايكات" والمشاهدات يضاهي قيمة الجهد والعمل الحقيقي.
الربح من التحديات واللايفات
تيك توك لم يتوقف عند المحتوى المسجل فقط؛ بل قدَّم إمكانية الربح من خلال "اللايفات" والتحديات المباشرة، حيث يقوم المستخدمون بتحدي بعضهم البعض أحيانًا بأساليب تتجاوز حدود الأدب، مثل الاستحمام بالزيت أو القيام بتصرفات غريبة لجلب التبرعات الافتراضية. هذه الظاهرة أوجدت معضلة أخلاقية حيث بات العمل الجاد موضع استهجان أمام الربح السريع.
التأثير النفسي على الشباب والعاملين
الشباب الذين يتعبون في وظائف تقليدية يشعرون بالإحباط عند مقارنة دخلهم بمن يحصلون على آلاف الدولارات من تيك توك عبر مقاطع سطحية، مما يدفع البعض للتفكير في التخلي عن العمل والانجراف نحو المحتوى السهل. هكذا، فقد أصبح المال السهل بديلاً عن العمل والكفاح، ما جعل الرؤية ضبابية بين القيم الحقيقية والربح السهل.
دور المنصات في تغييب القدوة
إحدى الطرق المستخدمة للتأثير على المجتمعات هي تدمير الثوابت والقيم، وهذا ما تقوم به هذه المنصات عبر تلميع شخصيات سطحية وغير مؤثرة، مما يجعل الشباب يرغبون في محاكاتها، ويُفقد المجتمع رموزه الحقيقية. من هنا، يُعد تيك توك ومثيلاته من المنصات أدوات فعالة لخلق بيئة تفتقر للقدوة الصالحة التي تتطلبها أي أمة لتستمر بنجاح.
الطريق إلى النجاح الحقيقي
يبقى أمام الشباب خياران: الأول هو العمل الجاد والاجتهاد، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن كسب اليد والعمل الشريف، حيث يمكن للشخص أن يكون قدوة للآخرين، كما كان الأنبياء وأصحاب القيم. أما الخيار الآخر فهو الانجراف وراء المال السريع الذي لا يعمر مجتمعًا ولا يبني وطنًا، وإنما يؤدي إلى تدمير القيم والأخلاق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
موقع صوت منية النصر